بدأ الأمر على شكل مشروع ملؤه الشغف لإعادة تصميم مساحة في الهواء الطلق وتحويلها إلى مطبخ مميّز لأغراضٍ معيّنة، غير أنّه سرعان ما تحوّل إلى منصّة "لابتكار تجارب طعام اجتماعية مصمّمة بعناية." ومن هنا وُلدت فكرة كوتشينا دي سول.

بدأ المؤسّسان علا الجارودي وطارق سلطاني شركةً خاصة بتقديم خدمات الطعام معاً منذ أكثر من 20 عاماً، وكانت تجربتهما مثمرة ولكن متعبة، وأقسما أنّهما لن يكرّراها لو مهما حدث. وبعد أن أنجبا أربعة أطفال وافتتحا شركة لتنظيم الفعاليات وعاشا في خضمّ الجائحة التي غيّرت العالم، وجد هذان الزوجان نفسهما ينظّمان مسابقات طعام لصالح فعاليّة طعام عالمية، ويقدّمان إلى المشاركين تجربة طعام لا تُنسى في وسط الصحراء.

وتقول علا، بخصوص تجربتهما الأولى عام 2000: "لقد قررنا ألّا نخوض غمار عالم الطعام من جديد، لذا أسّست شركة لتنظيم الفعاليّات واستمررتُ بالعمل فيها لمدّة 10 سنوات، إلى أن بدأ الإقفال العام، واضطررتُ إلى إغلاقها. وما الذي ارتأينا أن نفعله حينها برأيكم؟ صحيح، فقد أطلق كوفيد-19 العنان لخبير الطعام في داخلنا، وبدأنا بالطهي!"

Tarek Sultani and Ola Jaroudi love hosting people over food

Tarek Sultani and Ola Jaroudi love hosting people over food

Cucina del Sul has worked to bring the foodie community together

Cucina del Sul has worked to bring the foodie community together

بدأ طارق الذي كان يعمل كمستشار إداري بدوام كامل، يمضي الأمسيات والليالي حتى وقت متأخر وهو يطهو في المطبخ، ويتذكّر الأمر ضاحكاً: "كنت أحرق المطبخ بالكامل وأدمّره تماماً في كل مرّة بعد تنظيفه. لذا قررت زوجتي أن تطردني منه."

لم يدَع طارق هذا الأمر يحبط عزيمته بل قرّر نقل خطّته إلى الحديقة، فقد كان جزء كبير منها خالياً في تلك الفترة، وسرعان ما قرر أن يجعله نقطة الانطلاق لبناء مطبخه المتخصص في الهواء الطلق. وعلى الرغم من أنّ المشروع بدأ صغيراً، غير أنّه توسّع مع الوقت حتّى أصبح بمساحة 5،5 × 3،5 م، وبات يضمّ معدّات يحلم أي طاهٍ محترف أو هاوٍ باقتنائها، لاسيّما شواية ويبر، وأداة الطهي كامادو، ومحطة طهي الباييلا، وفرن البيتزا، وشوّاية، وبرّاد وصينية خَبز.

وقد دُعِي المطبخ باسم "كوتشينا ديل سول" أو مطبخ سول، تيمناً باسم عائلة طارق، وبدأت العائلة تشارك تجاربها في الطهي عبر إنستغرام، ما أثار اهتمام بعض الأصدقاء وأفراد العائلة، غير أنّ ذلك لم يكن كافياً، إلى أن استعانوا بأحد أصدقائهم ألا وهو مدوّن الطعام أنطوني رحيّل، صاحب مدوّنة الطعام @nogarlicnoonions، فبدأت شهرتهم تنتشر على قدمٍ وساق. قال طارق إنّ الأمسية تحوّلت إلى لقاء من القلب مع مجموعة من الطهاة وعشّاق الطعام وروّاد الأعمال، مضيفاً: "كانت ليلة من العمر، اجتمع خلالها أشخاص آتين من مختلف المجالات حول مائدة الطعام، يطهون ويتذوقون الأطباق معاً. وفي تلك اللحظة، اتّخذنا القرار، علينا أن نعيد الكرّة ونقيم فعالية جديدة مشابهة!"

استضافوا خبراء الشواء في دبي من أجل المشاركة في مسابقة الطهي، وذلك بحضور مؤثرين محلّيين معنيّين في مجال الطهي وطهاة متخصّصين في تحضير مأكولات لوجبات عشاء بطابع خاص، بغية جمع كلّ محبّي الطعام في البلد حول مائدة واحدة. وبعد بدء تخفيض القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا عام 2021، بدأ يذيع صيت كوتشينا ديل سول، قرّر الثنائي أن يشعلا الأجواء حماساً مع فعاليّة "نار وطعام وأصدقاء".

وفي هذا الصدد، تقول علا: "قرّرنا أن نصطحب الطهاة الذين زارونا في منزلنا في رحلة إلى الصحراء. وقد استضفنا ثلاث فعاليّات في الصحراء، أوّلها في يناير 2022، وكانت تتّسع لـ150 شخصاً، ونفذت التذاكر في غضون 5 ساعات، فنظّمنا فعاليّة أخرى بعد ثلاثة أسابيع في فبراير، تتسع لـ 250 شخصاً."

ويتابع طارق: "أمّا فعاليّتنا الأخيرة في الصحراء فقد أجريناها في مارس، وضمّت 350 شخصاً.

تمثّل كافة هذه الفعاليات، وحتّى فعاليّات كوتشينا الأساسيّة جوهر ما قمنا به، علا وأنا، بشكلٍ طبيعي، ألا وهو استضافة الناس على مائدة الطعام."

The desert events will continue in the winter

The desert events will continue in the winter

The pair will expand their repertoire of events

The pair will expand their repertoire of events

ونذكر من الإنجازات التي حقّقها مطعم كوتشينا ديل سول استضافة المتأهّلين الإقليميين لبطولة العالم للأغذية عن فئة تناول البرغر، والتي فاز بها سلطان شاتيلا من مطعم تانوس آت إيت الذي يقدّم لضيوفه تجربة طعام فاخرة تحت الأرض، وسينطلق إلى دالاس بتكساس في نوفمبر 2022 للمنافسة في النهائيات.

أمّا الآن، فما جديد هذا الثنائي المقدام؟ لقد أكّد لنا طارق وعلا أنّهما سيعودان إلى الصحراء، كما سيتعاونان مع الجهة المنظّمة لبطولة العالم للأغذية من أجل استضافة الفعاليّات المؤهّلة للفئات الأخرى. كما كشفا أنّهما يخبّئان بعض المفاجآت الرائعة التي سيتمّ الكشف عنها في الوقت المناسب، ويضيف طارق: "نتواصل مع طهاة تنفيذيين لنحاول أن نقدّم لهم منصّات مبتكرة ليطلقوا العنان لإبداعهم من خلالها."

وفي هذا الإطار، تصرّح علا قائلةً: "هذا المشروع يعكس شغفاً متّقداً. لطالما كنّا من عشاق الطعام ونشعر أنّ ما نقوم به الآن يشكّل قمّة إنجازاتنا في الحياة." ويقول طارق موكّداً على كلامها: "لقد أصبح عملنا جزءاً كبيراً ومهماً من حياتنا، وهذا رائع للغاية لأنّه يعكس شخصيّتنا. إنّه لأمرٌ مذهل!"