صحتكم في صحة جهازكم الهضمي

صحتكم في صحة جهازكم الهضمي

الصحة والرشاقة – 14.02.22

حوار مع الدكتورة ميغان روسي حول أهمية تغذية الجهاز الهضمي وما قد ينجم عن ذلك من فوائد صحية واسعة النطاق

Spinneys
Spinneys
الكاتب

يُقال إن الجهاز الهضمي هو العضو الغريزي، أي حيث ندرك الأمور في قرارة أنفسنا، أو نشعر بها على مستوى يتجاوز التفكير الذهني. ولعّله ليس مستغربًا أننا لم نتوصّل إلى فهم كيفية عمل الجهاز الهضمي إلاّ مؤخرًا، علمًا أنّ هناك الكثير الذي لا يزال مبهمًا حول هذا الموضوع.

لقد توصّل العلماء، على مدى السنوات العشر الماضية، إلى كمّ هائل من الاكتشافات المرتبطة بالقولون والأمعاء الدقيقة وكادت هذه الاكتشافات بحدّ ذاتها أن تمثّل فرعًا جديدًا من فروع العلوم. فقد أثبتت دراسات هامّة أجرتها جهات متخصّصة كيف تكون ردود فعل الجسم البشري، التي تختلف بين "المواجهة أو الهروب"، متجذّرة في الجهاز الهضمي، مبيّنة أن وظيفة الجهاز قد تختل بفعل هرمونات الإجهاد؛ كما كشفت كيف يمكن للألياف الموجودة في بعض الأغذية (مثل فاكهة الباوباب كمثال غريب) أن تأتي بتأثير حيويّ قويّ على الجسم يوازي تأثير الإنسولين؛ وكيف يمكن للنظام الغذائي المعروف باسم "النظام المتوسطي" أن يساعد الجهاز الهضمي على إنتاج مادة السيروتونين وبالتالي خفض مستوى القلق.

وفي هذا الإطار، تقول الدكتورة ميغان روسي: "أصبحنا الآن نعلم أن تغذية الجهاز الهضمي قد تأتي بفوائد واسعة النطاق تتجاوز صحة الجهاز الهضمي بحد ذاته". وقد أصبحت الدكتورة روسي، بخبرتها الواسعة، من الشخصيات الموثوقة في هذا المجال، حتى باتت تُعرف بلقب "طبيبة صحة الجهاز الهضمي." وقد تفرّع عملها الطبي الخاص إلى مجالات أخرى، لا سيّما إنتاج الزبادي والغرانولا تحت علامتها التجارية الغذائية "بايو آند مي."

تزامن تقدّم الدكتورة روسي إلى الصدارة في هذا المجال مع الازدهار الذي شهده الطب العيادي في مجال التغذية وأمراض الجهاز الهضمي خلال العقد الماضي. لقد ترعرعت الدكتورة روسي في مزرعة في كوينزلاند، حيث كانت تتناول الفاكهة والخضار الطازجة المزروعة محليًا، وتلعب أيضًا في التراب. وقد أدركت لاحقًا أن ذلك اللعب يمثّل دورًا مهمًا في تكوين عادات داخلية صحية.

وتقول: "إنّ تعرّض الجهاز الهضمي للكثير من أنواع البكتيريا المختلفة يعلّمه أن يتفاعل معها بشكل مناسب." علمًا أن أبحاثها كطالبة دكتوراه شملت البروبايوتكس (البكتيريا الحية الموجودة في الجهاز الهضمي)، والبريبايوتكس (الغذاء الذي يحافظ على تلك البكتيريا)، والعلاقة "التكافلية" بين الاثنين. وعندما تخرّجت في عام 2010، كان الخبراء قد بدأوا يدركون أنهم أساؤوا فهم ما كان يحدث في تلك البيئة الدقيقة بالذات.

وتوضّح قائلة: "لقد أدركنا وجود هذه الكائنات التي تعيش في جهازنا الهضمي منذ أكثر من 100 عام، ولكننا اعتقدنا لفترة طويلة أن عددها ضئيل وفِعلها بسيط،" بمعنى أنّ الأخصائيين في المختبرات كوّنوا فكرة خاطئة عنها انطلاقًا من دراستها في أطباق الاستنبات. وتضيف: "تبيّن أنّ البكتيريا فائقة الذكاء وأنّ الكثير منها لا ينمو في تلك الظروف. لكنّ التكنولوجيا باتت تتيح لنا الآن تحديد أنواع البكتيريا من خلال حمضها النووي، تمامًا كالبصمة، لذا أصبحنا قادرين على معرفة أنواع البكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي وتحديد وظيفتها على نحوٍ أفضل بكثير من السابق."

وهكذا، أدركنا مؤخرًا أن عدد البكتيريا الموجودة في هذا الجزء من الجسم يفوق عدد الخلايا البشرية في الجسم كلّه، وأنّ الأنواع المختلفة منها تمتلك "مجموعات لا تعد ولا تحصى من المهارات" على حدّ قول الدكتورة روسي، بما يشمل إنتاج الفيتامينات والهرمونات. وتجدر الإشارة إلى أنّ نحو 70 بالمئة من جهاز المناعة يتركّز في الجهاز الهضمي، ومن المنطقي أن نعتبر أن صحتنا العامة تعتمد على كيفية تنظيم عملية الهضم. ومع انتشار المعلومات الجديدة في الأوساط العامة، أصبحت المجلات والمدوّنات ومواقع الويب المعنية بالصحة مهووسة بصحة الجهاز الهضمي.

وتقول الدكتورة روسي إنّ وسائل التواصل الاجتماعي كانت مفيدة في بعض النواحي، "غير أنه لا يتم استخدامها لأغراض تعليمية من قِبَل الجميع." وبصفتها باحثة عيادية وأخصائية تغذية استشارية في جامعة كينغز في لندن، عاينت الكثير من المرضى الذين يعانون مشاكل هضمية نتيجة المعلومات المضلّلة والممارسات الشائعة دون أسس علمية. وتعلّق قائلة: "غالبًا ما يتبع هؤلاء أنظمة غذائية مقيّدة وجنونية، تستثني عناصر مهمة مثل الحبوب والخضار، لمجرّد أنهم سمعوا أو قرأوا أن استثنائها أفضل للجهاز الهضمي. غير أنّ كلّ الأبحاث تُظهر أن العكس هو الصحيح، وتُبيّن أنّ صحة الجهاز الهضمي الجيدة تقوم على محاولة استهلاك مجموعة متنوعة قدر الإمكان من الأطعمة المرتكزة على النبات."

من الدوافع الكبرى التي جعلت الدكتورة روسي تصبح "طبيبة صحة الجهاز الهضمي" هو اهتمامها بمكافحة هذه الأكاذيب، وحرصها على الترويج بنشاط للنظام الغذائي الذي ثبتت فعاليته في تخفيف طيف عريض من الحالات الصحية، من الانتفاخ والإمساك إلى الاضطرابات العقلية المتنوعة. ووفقًا لدراسة حديثة، تبيّن أن 44 بالمئة من المصابين بمتلازمة تهيّج الأمعاء يظهِرون أيضًا نوعًا من القلق. وفي الماضي، غالبًا ما كانت أعراض متلازمة تهيّج الأمعاء تؤدّي إلى تشخيصٍ خاطئ، ظنًا أنّها اضطراب نفسي جسدي. إلاّ أنّ الروابط المعقّدة بين الجهاز الهضمي والدماغ بدأت تتوضح على نحو أفضل يومًا بعد يوم.

لقد توصلت الدكتورة روسي إلى تشبيهات مفيدة حول الروابط الرئيسية الثلاثة المتعلقة بما يدعى "محور الجهاز الهضمي والدماغ،" أحدها هو العصب المبهم الذي تشبّهه بالهاتف، كونه ينقل المعلومات إلى الدماغ. ثم هناك جهاز المناعة الذي يعمل على شكل إشارة إنذار.

وتوضّح أنه "يكتشف حصول شيء ما، ويُصدر علامات التهاب سرعان ما تنبّه الدماغ. وأخيرًا، هناك ما تسمّيه "خدمة البريد" التي تقدّمها البكتيريا نفسها، كونها تأكل الطعام وتُنتج موادًا كيميائية تنفذ عبر الحاجز الدموي الدماغي مثلما تمرّ الرسائل عبر فتحة علبة البريد.

وبطبيعة الحال، فإن هذا الأمر يعزّز الأمل في أنّ تنظيم الجهاز الهضمي على نحوٍ أفضل من شأنه أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في الدماغ. فعلى حدّ قول الدكتورة روسي، "هناك أدلّة دامغة تشير إلى أنّ النظام الغذائي المعزّز للجهاز الهضمي يمكن أن يؤدي إلى تحسيناتٍ ذات صلة على المستوى السريري لدى من تم تشخيص إصابتهم باكتئاب معتدل إلى شديد."

وبالطبع، هناك أيضًا الفارق المعروف منذ القِدم بين ما ندركه وكيف نتصرف. وفي هذه المرحلة، قد نعي جيدًا أن البروبايوتكس ستفيدنا إلى حدّ كبير، ومع هذا فإننا لا نخرج عن عاداتنا الغذائية السيئة لمجرّد تقصيرنا في التغيير أو افتقارنا إلى العزيمة يومًا بعد يوم. ولهذا السبب، وسّعت "طبيبة صحة الجهاز الهضمي" عملها ليشمل منتجات "بايو آند مي."

وتقول: "يدرك الكثيرون أنّ عليهم تناول المزيد من الأطعمة المرتكزة على النبات، إلاّ أنّهم يعيشون حياة كثيرة الانشغال، أو ربما لا يجيدون الطبخ. إن المعرفة هي نصف المعركة، أما النصف الآخر، فيتمثّل بتوفر الأغذية الملائمة والمفيدة للجهاز الهضمي."

تضم مجموعة بايو آند مي، التي ستُطرح قريبًا في سبينس، تشكيلة من المنتجات، ويحتوي كلّ وعاء من الغرانولا أو اللبن الزبادي أو الموسلي منها على 15 "نقطة من نقاط الأغذية المرتكزة على النبات" (أي الفواكه والخضار والبقول والحبوب والتوابل وغيرها)، ما يلغي عناء البحث عنها بأنفسكم. وتقول الدكتورة، "تُظهر الأبحاث أنّ الأشخاص الذين يتناولون 30 نوعًا في الأسبوع يتمتعون بصحة جهاز هضمي فضلى.

ومن جهة أخرى، يحتوي كلّ وعاء على ثمانية غرامات من الألياف، لأن الدراسات أظهرت أيضًا أن زيادة الاستهلاك اليومي بهذا المقدار من شأنها أن تقلّل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 19 بالمئة، وبمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 15 بالمئة، وبسرطان القولون بنسبة سبعة بالمئة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيبة الدكتورة روسي المعتمدة للزبادي البروبايوتك تضمن احتواء كل وعاء على نحو 700 مليار من البكتيريا المفيدة، بما يشمل النوعين المزروعين الأكثر دراسة في العالم، وهما لاكتوباسيلوس رامنوسس جي جي LGG وبيفيدوباكتيريوم BB12، ما يشير إلى وجود أساس سليم من الأدلّة التي تؤكّد فوائد هذه المنتجات. إلاّ أنّ "طبيبة صحة الجهاز الهضمي" لن تقول لكم إنّ شراء منتجاتها هو كلّ ما عليكم القيام به لاتباع نظام غذائي سليم.

"ليس المقصود هنا أنّ عليكم استهلاك منتجات بايو آند مي دون سواها، بغض النظر عمّا قد يقترحه رجال الأعمال. بل يكفي أن تنظروا إليها على أنّها علامة تجارية للأغذية التي يصادف أنها مفيدة لجهازكم الهضمي." فلا بدّ من التفرقة بين البحث الطبي والبحث التسويقي، ما يُظهر أنّ أهمية النكهة والطعم لا تقلّ عن أهمية الخصائص الصحية. "ونحن نعلم جيدًا أن الناس لن يتنازلوا عن هذه العناصر."