قواعد المطعم

قواعد المطعم

المقابلات – 18.03.22

لا يتوقّف راسل إمبيازي عن الدفع باتجاه تحقيق تغيّرات إيجابيّة، سواء كان ذلك عبر التبرّع بالوجبات للمحتاجين أو عبر تعليم الأطفال كيفية اتخاذ خيارات طعام أفضل منذ صغرهم، ويطلعنا على الخطوات التي يتّخذها لحثّ المجتمع على التغيير

Devina Divecha
Devina Divecha
الكاتب

استقبلنا راسل بابتسامته عريضة وبادر بالقول قبل أن نجلس لنحدّث معه عن الاستدامة والطعام حتّى: "لا أعرف ما الذي سأطهوه اليوم. سأرى ما المكوّنات التي سأجدها وأبتكر طبقاً مميّزاً على طريقتي الخاصّة."

لطالما شكّل الإبداع في الطهي ومزج المكوّنات جزءاً لا يتجزّأ من مسيرة راسل المهنيّة، انطلق في مسيرته المهنية كمتدرّب وترقّى بعدها ليصبح مساعد شيف في لندن، ثمّ انتقل في فترة لاحقة إلى مدينة دبي واستقرّ فيها، حتّى أنّه لم يغادرها سوى مرّتَين فقط، إذ قام برحلةٍ إلى البهاماس وأخرى إلى لندن حيث اضطرّ للبقاء خلال فترة الإقفال التام للبلاد بسبب جائحة كوفيد-19. عاد إمبيازي إلى دبي في أوائل العام 2021 ليتولى منصب الشيف التنفيذي في فندق سوفيتل دبي ذا أوبيليسك، وهنا بدأ السير بخطى ثابتة نحو استخدام مكوّنات محليّة ومستدامة في جميع أطباقه، وعمل جاهداً للحدّ من هدر الطعام حيث تكلّلت جهوده بالنجاح.

أخبرنا راسل بأنّ الاستدامة كانت دائماً شغله الشاغل، وقال: "لا يهمّني سعر المنتج، بل أهتمّ لمصدره واسم المزارع فضلاً عن الأسس الأخلاقيّة التي يعتمدها المزارعون الذين زرعوه. لست مهتمّاً في مسألة تصنيع الطعام بكميّات هائلة لأنّ هذا الأسلوب سبّب دمار كوكبنا ويجب الابتعاد عنه قدر المستطاع."

بدأ الشيف تطبيق معتقداته في الفندق الذي يعمل فيه، حيث أطلق عجلة التغيير على مختلف الأصعدة وأبرزها الحدّ من هدر الطعام. وفي هذا الصدد يقول راسل: "عندما بدأت العمل هنا، كان الفندق يعيد تدوير حولي طنَّين من المنتجات شهرياً ويتخلّص من الكميّة المتبقّة منها في المطامر. أمّا الآن، فقد استطعنا إعادة تدوير حوالي 10 أطنان من المنتجات الشهر الماضي، وذلك عبر التحدّث في الموضوع والقيام بحملات توعية فقط. وأنا أعدّ ذلك إنجازاً مهماً حقّقته في مسيرتي!"

تمّ تزيين هذا الطبق بواسطة محار دبا بي والأصداف الشاطئيّة وقد استُمدّ الوحي لتصميمه من ابن الشيف راسل
تمّ تزيين هذا الطبق بواسطة محار دبا بي والأصداف الشاطئيّة وقد استُمدّ الوحي لتصميمه من ابن الشيف راسل

علاوةً على ذلك، يتعاون الفندق مع بنك الإمارات للطعام، حيث يقوم الفريق بتحضير وجبات للمحتاجين، بالإضافة إلى التبرّع بفائض الطعام بما يتناسب مع إرشادات البنك الصارمة. يتذكّر الشيف المرة التي وجد خلالها بعض المنتجات التي يصعب بيعها في مخزن أحد المورّدين، وكيف انتقل من ذاك الوضع إلى استلام منتجات لم تُبَع عدّة مرات في الأسبوع ليستخدمها في تحضير أطباقه بدلاً من رميها. تسهم هذه المنتجات في تحضير أطباق يتمّ التبرّع بها إلى بنك الطعام، إذ قدّم الفندق حوالي 7 آلاف وجبة طعام إلى المحتاجين في السنة الماضية. ويضيف الشيف بفخر قائلاً: "وأجمل ما في الأمر أنّ أعضاء فريق العمل أسّسوا متجراً لبيع منتجات قاموا بزراعتها بشكلٍ عضوي بالكامل بالجملة، بالرغم من أنّني لم أطلب منهم فعل ذلك بشكلٍ مباشر. وقد استلموا دفّة القيادة في ذاك المتجر الآن!

وتابع قائلاً: "نتّبع النهج نفسه عند الطهي لضيوفنا المميّزين الذين ينفقون 20 ألف دولار أميركي في الليلة الواحدة كما لشخصٍ خسر عمله قبل 18 شهراً، فنتعامل مع الطعام بالاحترام نفسه وبالأهداف السامية عينها."

يعمل راسل على الحدّ من هدر الطعام إلى أقصى الحدود عبر استخدام جميع أجزاء المنتجات بالكامل
يعمل راسل على الحدّ من هدر الطعام إلى أقصى الحدود عبر استخدام جميع أجزاء المنتجات بالكامل

حترم راسل جميع المنتجات من دون تفريق ويسعى للتأكّد من أنّ الجميع، لاسيّما الأطفال، يتناولون أطباقاً صحية. ومن هذا المنطلق، تعاون مع برامج "من المزرعة إلى المائدة" التعليمي الخاص بمبادرة ذا فيدج بليدج من سبينس في ديسمبر 2021، حيث قام بزيارة تلاميذ المدارس وعلّمهم كيفية تحضير سندويشات نباتية شهية بطرق مسلّية. ويصرّح راسل: "إذا لم نبدأ بتعريف الأطفال منذ نعومة أظافرهم على الفواكه والخضروات، ونتوقّف عن دعوتهم للالتزام بنظام غذائي مرتكز بمعظمه على بروتينات اللحوم والأسماك، سيواجهون في المستقبل مشاكل كبيرة بسبب خطئنا هذا."

تهدف هذه المبادرات، بحسب إمبيازي، إلى تشجيع الأطفال على اتخاذ الخيارات الغذائية الصحيحة منذ سن مبكرة، ويرى أنّ هذه الرسالة يجب أن تكون موحّدة في المدارس والمنزل، أن تُجمِع على هذا الهدف. ولهذا السبب، تمّت إعادة ابتكار قائمة طعام الأطفال في الفندق لتبثّ المزيد من الوعي في أنفس الصغار بشأن الطعام وتتعمّد دفعهم إلى التغيير. ويختم الشيف قائلاً: "نتحمّل جميعاً مسؤوليّة التحدّث عن البروتينات البديلة ونشر الوعي حول استخدام المنتجات الطازجة، وأعتبر ذلك هدفي الأسمى."